الأربعاء

أسكندريللا:أصل الحكايه مش بالنوايا

لطالما أحببت أغاني الشيخ الجميل العنيد إمام عيسى، صوته الساخر المعبر وهو يشدو بكلمات أحمد فؤاد نجم اللاذعة التي تبعث أحيانا على الضحك الذي يتفجر من أعماق حزننا، أو التي تطلق فينا أحيانا أخرى تلك الرغبة الكامنة في التمرد و الثورة على تردي الأحوال، و لذلك فقد كنت شديدة الحماس عندما دعتني إحدى صديقاتي لحضور حفل لفرقة إسكندريللا، فهم يقدمون أغاني للشيخ إمام و الشيخ سيد درويش.

ُقمت بدوري بدعوة العديد من أصدقائي، فحماس فرقة من الشباب إلى نشر تراث الشيخين الأكثر تأثيراً في تاريخنا الغنائي الحديث من وجهة نظري علي الأقل، لابد أن يقابل بحماس مماثل.


أسكندريللا تغني

غنت أسكندريللا مجموعه منتقاه من أغاني الشيخين، فاختاروا من للشيخ سيد درويش أغاني العمال و الصنايعيه، وهو التراث الأجمل و الأكثر إبداعا للشيخ سيد الذي أستطاع بمقدرة فائقة أن يعبرعن شريحة كبيرة من المجتمع المصري في ذلك الوقت، كان قد تم تجاهلها أو تقديمها بسذاجة ، فأعاد صياغة الحياة اليومية لشريحة الطبقة العاملة المصرية من أجراء و فواعلية و جارسونات و عربجية بما تحمله من طقوس و لغة خاصة و مصطلحات و أفكار، في شكل أغاني سلسة خفيفة الظل، ورغم بساطة اللغة المستخدمة والألحان البعيدة كل البعد عن التأثير التركي السائد في ذلك الوقت، لم تخلو هذه الأغاني من نقد لاذع لأحوال المجتمع المصري في تلك الحقبة

أما عن أغاني الشيخ إمام، فلمن لا يعرفه، فهو المغني المصري الوحيد خلال الخمسين عاماً الماضين الذي كانت لأغانيه منحي سياسي مباشر، فقام هو و رفيق مشواره أحمد فؤاد نجم بإنتقاد النظام و أعوانه و زبانيته، و كان خلال تلك الفترة من عمر الوطن هو الصوت الوحيد الذي أمتلك الجرأة علي الغناء بلسان حال الشعب الغاضب.

و قد انتقت اسكندريللا من أغانيه تلك التي تخاطب المعتقلين، ربما رجع ذلك لتوافق تلك الأغاني مع ما يحدث في الوقت الراهن، وكنوع من التضامن مع العديد من النشطاء المعتقلين حالياً، أما عن اختيارهم لأغنية الختام (جيفارا مات) فربما جاء كإهداء لروح الراحليين
أحمد عبد الله رزة و يوسف درويش الذين كانا قد توفيا قبلها بساعات.


في الدقائق الأولي من الحفل كنت مازلت أحتفظ بحماسي السابق، فما أجمل أن أسمع أغاني الشيخ أمام يتغني بها شباب آثر أغاني الشيخ الضرير عن الانجراف في موجة الأغنية السائدة الأقرب إلي أسماع الشريحة الأعرض من الجمهور، وما أحلي أن يقبل كل هذه العدد من الجمهور علي سماعهم ، فقاعة الحكمة بساقية الصاوي كانت قد أمتلئت عن أخرها حتى آن بعض الحضور أضطر للوقوف في الممرات الجانبية.

ومرت الأغنية الأولي فالثانية، وبدأت ألحظ علي نفسي انفصالي التدريجي عن ما يحدث، وبالتدقيق أحسست بأن استمتاعي المتناقص بالأغاني سببه أسلوب أداءها الذي يكاد يقترب من أسلوب الكورال المدرسي، فهذه الأغاني ذات الطبيعة الخاصة تعتمد بشكل أساسي علي أداء المغني، هو وحده باستطاعته أن يصل بالأغنية إلي قمة شكلها الفني أو يتوقف بها عند مجرد العرض الوثائقي، فقد أجهد المغنيين أنفسهم في أداء حاد، ربما اعتقدوا أنه الأقرب إلي روح و طبيعة تلك الأغاني الثورية، و لكن تم ذلك دون التركيز علي ما تملكه الكلمات من قماشه فضفاضة شديدة الثراء، تسمح بالتحليق عاليا و الإبداع في الأداء. فما بين صوت الآلات الذي أرتفع علي صوت الغناء بشكل مستفز وما بين الأداء المتشنج للمغنيين تاهت المعاني و دلالات الكلمات. وأنا لا أقصد هنا عدم إعجابي بأصوات أو قدرات الفريق، بل علي العكس، فإنني أستشعر بأن قدراتهم تفوق ما قد تم تقديمه في هذا اليوم

خرجت من الحفل وأنا أتلهف بشدة لسماع صوت الشيخ الضرير. حقك عليا يا عم إمام، فقد ظننت خطئاً أن بوسع الجميع تقديم أغانيك بنفس الجودة ورهافة الحس، علما بان الذين يعرفون أغانيك جيداً يعلمون مدي رداءة معظم التسجيلات نتيجة لأن أغلبها كان قد تم جمعه من الحفلات الخاصة، و لكن ذلك لم يمنع من قدرتها علي التأثير الصادق في مستمعيها.

مازلت أحتفظ بحماسي لفرقة إسكندريللا رغم خيبة أملي في حفلي الأول لهم، فتجربتهم مهما شابها من تحفظات قد يختلف البعض معي عليها، مازالت جديرة بالاحترام، وما أحوجنا الآن إلي هذه الكلمات الصادقة التي رغماً عن أنها ُوجهت إلي المصريين في حقب زمنية شديدة البعد عن عصرنا الحالي إلا أنها وللسخرية مازالت تنطبق علي أحوالنا و تجعلنا في أمس الحاجة إليها اليوم. فلنغني جميعاً للشيخ إمام و ليستمع له المزيد و المزيد، عله تحدث المعجزة

.

الثلاثاء

يحكى أن مرة واحدة حبت واحد





الصورة دي و الشعر ده بتوع واحد صاحبنا تعاطف مع واحدة صاحبتنا لما حبت واحد قوي قوي